التلعيب

التلعيب Gamification مصطلح دخل حياتنا مؤخرًا

شارك المقال

هل تساءلت يومًا لماذا تجذب الألعاب اهتمام المتعلمين وتحفزهم على المشاركة أكثر؟ في حين نجدهم أقل فاعلية ونشاطًا أثناء الأنشطة الخالية من التحفيز والتحدي!

لأن الألعاب مبنية على عنصر يشكل التحفيز والتحدي أهم أهدافها. فإذا كان التعليم مبنيًا كذلك على الدروس المتسمة بعناصر اللعب، فلن نجد فرقًا واضحًا بين تفاعل المتعلم مع اللعب وتفاعله مع الدروس،  ولن ترتقي الدروس إلى مرتبة جاذبية الألعاب إلا بعد أن تخرج من نمطيتها المملة وتدخل إلى عوالم التحفيز عن طريق دمجها مع العناصر السحرية التي تجعل اللعب جذابًا ومرغوبًا فيه.

ونحن هنا لا نتحدث عن دمج الألعاب في التعليم بما يعرف في علوم التربية بمفهوم “بيداغوجيا اللعب”، لكن نتحدث عن دمج عناصر اللعب بما يعرف في تقنيات التسويق بالتعليم بالألعاب  Gamification فما هو وماذا نعني به في التعليم؟

التلعيب Gamification:

هو مصطلح جديد مشتق من كلمة Game أي اللعب أو اللعبة، يعرف كذلك باسم Ludification ، ويترجم عربيًا بكلمة “التلعيب” أو “اللوعبة”. ظهر بداية في مجال التسويق التجاري للترويج للعلامات التجارية، ثم انتقل إلى ميادين أخرى بما فيها التعليم والتدريب والإعلام والصحة.

دعوني أنقل لكم تعريفات كثيرة عن التلعيب:

  1. التلعيب هو تطبيق عناصر اللعبة وتقنيات التصميم الرقمي للألعاب في تحقيق أهداف وحل مشاكل في ميادين أخرى خارج سياق الألعاب مثل الإعلام والتسويق والتعليم.
  2. يتوقف التلعيب على نقل آليات وميكانيزمات الألعاب إلى ميادين أخرى غير ترفيهية بهدف حل مشاكل أو تحسين المستوى. فهو يعتمد على فهم الآليات والتقنيات والخصائص والعناصر التي تسمح بإنشاء لعبة جيدة، كما يعتمد على دراسة سلوك اللاعبين، ومن ثم فهو يهدف إلى جعل الأنشطة (الخارجة عن نطاق ما يسمى بالألعاب) أكثر متعة وتشويقًا مثلها مثل الألعاب تمامًا.
  3. التلعيب هو أخذ مبادئ اللعب واستخدامها لجعل نشاطات العالم الحقيقي أكثر تفاعلًا.
  4. التلعيب يمثل إطارًا، أو فلسفة ترويجية أو تحفيزية، تسخِّر عناصر اللعبة التقليدية وتقنيات تصميم الألعاب في سياقات لا علاقة لها باللعب. في عوالم التلعيب، يتم تطبيق فنون اللعب لأجل تحقيق أهداف تتجاوز ما تخدمه اللعبة بحد ذاتها. نحن البشر نلعب لنلهو، أو لنشبع غريزة المنافسة في دواخلنا، أو لنقضي الوقت في شيء مسلٍ. هكذا جرت العادة. لكن تخيَّل أن تجعل الآخرين ينخرطون فيما يشبه اللعبة كي يؤدي نشاطهم إلى الترويج لمنتجك وزيادة أرباح شركتك، أو كي تحصل في النهاية على وظيفة مثلًا.


الألعاب الإلكترونية هي الشكل المهيمن على الترفيه في العصر الحديث لأنها تحفز السلوك بقوة، وآليات الألعاب يمكن تطبيقها خارج بيئتها الترفيهية، لخلق تجارب مثيرة للاهتمام ومنح مكافآت والاعتراف بها.

التلعيب هو استخدام بعض عناصر الألعاب وآلياتها في شؤون الحياة المختلفة، بمعنى آخر جعل الحياة الحقيقية تحاكي الألعاب، وليس جعل الألعاب تحاكي الحياة الحقيقية (ألعاب الواقع مثل لعبة المزرعة السعيدة)، بل جعل الحياة تحاكي الألعاب ليس بمعنى تحويل حياتنا إلى ألعاب ولكن بمعنى إدخال عناصر الألعاب على حياتنا.

ما هو أساس التلعيب؟

مهما اختلفت الألعاب في أنواعها وأهدافها وتقنيات صناعتها، فإنها تتقاسم مجموعة من العناصر الثابتة التي تجعلها أكثر تشويقًا وتحفيزًا، من بين هذه العناصر التي تعرفها جيدًا وأنت تلعب لعبة ما:

  1. النقط التي تجمعها (points)
  2. المستوى الذي تصله (level)
  3. ترتيبك وسط اللاعبين الآخرين (Leader-board)
  4. التحديات التي تقابلك في اللعبة (Challenges)
  5. الجوائز والهدايا التي تكسبها (Rewards)
  6. الأوسمة أو النياشين التي تنالها كلما حققت إنجازًا (Badges) … وغير ذلك من العناصر الأخرى.

فهل مجرد نقل هذه العناصر إلى عوالم أخرى بعيدة عن اللعب يمكن أن نسميه تلعيبًا Gamification؟

كان هذا ممارسة قديمة يتم تطبيقها في عدة مجالات من حياتنا مثلًا من خلال المسابقات والاختبارات، لكنه  ممارسة جديدة أو اتجاه جديد في علاقته بالتكنولوجيا، وممارسة قديمة في علاقته بالحياة العامة. فالتلعيب كممارسة موجود بالفعل منذ عقود من الزمن، لكنه كمفهوم وكمصطلح هو جديد لأنه يمثل إستراتيجية جديدة لصيقة بعالم التكنولوجيا .

ماذا نعني بالتلعيب في التعليم؟

التلعيب في التعليم هو منحى تعليمية لتحفيز الطلاب على التعلم باستخدام عناصر الألعاب في بيئات التعلم، بهدف تحقيق أقصى قدر من المتعة والمشاركة من خلال جذب اهتمام المتعلمين لمواصلة التعلم. في السياق التعليمي  يمكن للتلعيب أن يؤثر على سلوك الطالب من خلال تحفيزه على حضور الفصل برغبة وشوق أكبر، مع التركيز على المهام التعليمية المفيدة وأخذ المبادرة.

كيف يتم تلعيب التعليم؟

يمكن تحقيق التلعيب في التعليم من خلال عدة وسائل وتقنيات من بينها:

  • إضافة نقاط إلى المهام والواجبات الدراسية
  • تحديد شارات ومنحها للمتفوقين بعد استيفاء معايير محددة
  • إنشاء اللائحة الترتيبية للطلاب المتفوقين
  • تحديد مستويات لتكرار المهام أو أداء مهام أصعب
  • ربط الشارات المحصل عليها بالدخول إلى مستويات أعلى
ما فوائد التلعيب في التعليم؟

من فوائد التلعيب على التعليم التي تجعل مبادرات تطبيقه ناجحة في الفصول الدراسية، ما يلي:

  1. منح الطلاب كامل الحرية في امتلاك تعلمهم
  2. تحفيزهم على التعلم الذاتي المستمر
  3. منح فرصة التعلم باستخدام الشخصيات الافتراضية
  4. توسيع هامش الحرية في الخطأ والمحاولة مرة أخرى دون أي انعكاسات سلبية
  5. مضاعفة الفرص لزيادة المتعة والفرح في الفصول الدراسية
  6. التعلم بواسطة وسائل تعليمية مختلفة
  7. ربط التعليم بالحياة الواقعية والتطبيق العملي
  8. توفير مجموعة مناسبة وغير محدودة من المهام للطلاب
  9. إلهام الطلاب لاكتشاف دوافعهم الذاتية نحو التعلم

تسويق التلعيب:

تم تطبيق التلعيب على نطاق واسع في مجال التسويق حيث أن 70% من شركات مجموعة فوربس العالمية الألفين التي شملتها الدراسة في عام 2013، قالوا إنهم يعتزمون استخدام التلعيب لأغراض التسويق والحفاظ على العملاء،

 على سبيل المثال: في نوفمبر 2011 أطلقت هيئة الإذاعة الأسترالية و  Yahoo تطبيق فانجو للهواتف والذي يُستخدم من قبل مشاهدي التلفاز للتفاعل مع عروض وبرامج التلفاز عبر تقنيات مثل: التسجيل وكسب الشارات.

 في شهر فبراير 2012 تم تحميل التطبيق 200,000 منذ إطلاقه.

كما أُستخدم التلعيب أيضاً لجذب العملاء وأيضاً في برامج ولاء العملاء، ففي 2010  قدمَ “ستاربكس” شارات شخصيات قصص الأبطال الخارقين مخصصة للأشخاص الذين سجلوا دخولهم في متاجر “ستاربكس” عديدة، وعرض تخفيضات للأشخاص الذين سجلوا دخولهم بشكل متكرر في متجر واحد.

ظهرت اقتراحات عديدة لاستخدام التلعيب لتشجيع الناس على ملئ الدراسات الاستقصائية، والقيام بأبحاث في السوق عن شعبية العلامات التجارية. كما تم دمج التلعيب في صناعة برامج مكتب المساعدة، في عام 2012  قامت شركة Feshdesk وهي شركة تقدم دعم للعملاء قائم على إدارة العلاقات بإطلاق منتج يحتوي على ميزات التلعيب متكاملة، مما يسمح للعملاء بكسب شارات على أساس الأداء.

الإلهام:

التلعيب يمكن استخدامه للحصول على أفكار جديدة كما في العصف الذهني حسب دراسة MIT Sloan  أن ألعاب الابتكار والتفكير ساعدت المشتركين على توليد أفكار أكثر وأفضل، وتم مقارنتها بقياس مدى تأثير الأبحاث الأكاديمية بواسطة عدد من الاستشهادات والأدلة في بحوث لاحقة.

الصحة:

هناك تطبيقات مثل Fitocracy و QUENTIQ تستخدم التلعيب في تشجيع مستخدميها على التمرن بفاعلية وتحسين صحتهم بشكل عام. يتم منح المستخدمين عدد من النقاط المتفاوتة للأنشطة التي يؤدونها في التمرينات، ومستويات تعتمد على ما جمعوه من نقاط. يستطيع المستخدمون أيضاً جمع الشارات عبر القيام بمهام معينة تعتمد على التمارين.

العمل:

أستخدِم التلعيب في محاولة لتحسين إنتاجية الموظفين، والرعاية الصحية، والخدمات المالية، والنقل، والحكومة،التجنيد وغيرهم.

التعليم:

في بحث من University of Bonn  أُستخدم التلعيب لزيادة مساهمات الويكي بنسبة 62%. خان أكاديمي (منصة للتعليم الالكتروني) هي مثال ممتاز لاستخدام التلعيب في التعليم على شبكة الانترنت.

التلعيب في التعليم يهتم بالتأثير على سلوك الطالب باستخدام تقنيات واستراتيجيات التلعيب لتحفيز الطالب على التعلم في جو من المتعة، مما سيؤثر بالتالي على معدل حضوره للمدرسة بشكل إيجابي.

عندما قامت مايكروسوفت بإطلاق لعبة Ribbon Hero 2 كإضافة لحزمة Office  لمساعدة الناس لاستخدام الحزمة بشكل فعال، والتي وصفت من قِبل مايكروسوفت من أنجح المشاريع التي أطلقتها معامل مايكروسوفت على الإطلاق.

انتقادات:

باحث جامعة هامبورغ (Sebastian Deterding)  وصف سيبستيان استراتيجيات التلعيب الشعبية الأولى على أنها ليست ممتعة وتصنع إحساس زائف بالانجاز، كما يقول أن التلعيب يمكن أن يشجع على السلوكيات غير الأخلاقية.

في مراجعة شاملة لتطبيقات الصحة واللياقة البدنية في متجر أبل لعام 2014، وباستخدام التلعيب كمعيار لتعديل السلوك استنتج كتاب المراجعة أن “على الرغم من إدراج بضعة مكونات من التلعيب على أقل تقدير، إلا أن متوسط درجات التكامل بين مكونات التلعيب ظلت أقل من 50%. وانطبق هذا أيضاً على إدراج عناصر اللعبة واستخدام بنيات نظرية السلوك الصحي، مما يدل على عدم إتباع أي معيار واضح لخلق تجربة لعب فعالة، أو لاستخدام التلعيب، أو استخدام نظرية السلوك في تطبيقات الصحة واللياقة البدنية.

مصممي الألعاب مثل جون رادوف ومارغريت روبرستون انتقدوا أيضاً التلعيب بوصفه ذو العناصر الاستثنائية مثل: القصة والتجارب و استخدام نظم المكافأة البسيطة بدلاً من ميكانيكيات اللعبة الحقيقية.

استراتيجيات ونصائح

نصائح لتنفيذ إستراتيجية التلعيب الناجح:

1- فهم الجمهور الذي تستهدفه

وهذا يعني أكثر من مجرد معرفة شخصية المتعلمين. فأنت تحتاج إلى فهم أنماطهم السلوكية وما هي الأسباب وراء دوافعهم لنيل التشجيع والتحفيز بين أقرانهم، وأفضل طريقة لتحقيق ذلك هي عن طريق إجراء مجموعات التركيز ورسم خرائط المعلومات في الشبكة.

2- تحديد مسار التعلم والقواعد

بعد أن تعرفت على أنماط شخصيات المتعلمين، فإن الخطوة التالية هي ربط المكافآت بأهداف التعلم. ومن الممارسات الشائعة في صناعة التعلم هو ربط  التعلم بمسابقة مميزة، لجلب الشعور بالنجاح وإعداد المتعلمين للانتقال إلى التحدي المقبل.

3- تفاوت وتنوع  الخبرات والمكافآت

 يجب عند الإعداد لتخطيط للدرس أن تأخذ بالاعتبار النظر في مكافأة كل من المتعلمين من أجل الحفاظ على مستوى تحفيزي واستيعاب وتيرة التعلم للجميع.

4- اللوحة القصصية أمر بالغ الأهمية

التلعيب الناجح يتطلب جهداً جماعياً، وينبغي إعطاء المصممين تعليمات واضحة حول الأنواع والأنماط لتكامل التعليم، ويجب على فريق الجودة أيضاً التعرف على المكافآت والتحفيز اللازم وعملية مستويات اللعبة المفتوحة، كما أن اللوحة القصصية تعتبر وثيقة مرجعية أثناء الإنتاج الذي يحتوي على كافة المواصفات المطلوبة للفريق ككل.

5– رصد وإعادة

كن مستعداً! سوف تتعلم باستمرار من المتعلمين. ولا بد من إجراء مقابلات مع المتعلمين قبل البناء والذي سوف يساعدك على إطلاق منتج جيد، ولكن إذا كنت تريد أن تكون العملية ناجحة على مر الزمن يجب اعتماد نهج مرن.

ملاحظة: هذه المقالة كتبتها لصالح الفريق العزيز Creative Campus، ولكنها لم تُنشر بسبب إقفال الشركة.

0 0 أصوات
تقييم المقال
يشترك
إخطار
guest
0 تعليقات
الأقدم
الأحدث الأكثر تصويتا
ردود الفعل المضمنة
عرض جميع التعليقات

0

يرجى الانتظار بينما تقوم الصفحة بالتحميل

0
هل أعجبك المقال ؟ اترك لنا تعليق!x